للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذمة؛ لكونها ليست موجودة، ولم يتعلق الحق بشيء بعينه، وما كان متعلقًا بالذمة فهو دين، وليس عينًا.

ولذلك لو استصنع النجار الشكل المطلوب، وباعه على آخر لم يمنع ذلك مانع؛ لأن حق المستصنع متعلق بذمة الصانع، وليس في عين المصنوع.

جاء في العناية: «لو باعه الصانع قبل أن يراه المستصنع جاز .. » (١).

وقال السرخسي: «وإن باعه الصانع قبل أن يراه المستصنع، فبيعه جائز؛ لأنه باع ملك نفسه، فالعقد لا يتعين في هذا المصنوع قبل أن يراه المستصنع .. » (٢).

والحق أن هذا الإشكال قائم إلا إذا فهمنا مراد الحنفية بالعين في عقد الاستصناع، فقد يزول الإشكال.

قال السرخسي: «والأصح أن المعقود عليه المستصنع فيه - يعني العين- وذكر الصنعة (العمل) لبيان الوصف ... » (٣).

وجاء في فتح القدير: «المعقود عليه العين دون العمل» (٤).

فالمراد: بالعين عندهم باعتبار ما سيكون، والذي حملهم على هذا: أن كلًا من العمل والعين متعلقان بالذمة، فحتى يبينوا أن المعقود عليه هو العين بعد الاستصناع، وأن العقد عقد بيع، وليس المعقود عليه هو العمل، فيكون العقد عقد إجارة أطلقوا كلمة (عين) على أمر متعلق بالذمة، وهو اصطلاح خاص.


(١) العناية (٧/ ١١٦).
(٢) المبسوط (١٥/ ٩٠).
(٣) المبسوط (١٢/ ١٣٩).
(٤) فتح القدير (٧/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>