وقد ذكرنا أدلة كل قول في عقد الاستصناع فأغنى عن إعادته، ورجحت مذهب الحنفية.
وأما إذا كان التزام المقاول الباطن بتقديم العمل دون المواد، فقد يكون أجيرًا خاصًا، وقد يكون أجيرًا مشتركًا بحسب طبيعة العقد معه.
فإن كان العقد واردًا على عمله، ومنافعه ليست مستحقة للمقاول الأصلي، فهو من قبيل الأجير المشترك.
وإن كان العقد واردًا على منفعته، بحيث تكون منافعه مستحقة للمقاول الأصلي خلال مدة الإجارة فإن المقاول الثاني من قبيل الأجير الخاص، ولا مانع من عمل مجموعة من الأجراء الخاصين تحت يد الأجير المشترك، كالخياط يعمل عنده مجموعة من الخياطين كأجراء خاصين له.
والأجير المشترك يستحق الأجرة بالعمل، لا بتسليم النفس؛ لأن العقد وارد عليه، فلا يستحق أجرة إذا لم يعمل، ويستحق من الأجرة بقدر ما عمل، وأما الأجير الخاص فيستحق الأجرة بالوقت دون العمل، فإذا سلم نفسه في الوقت استحق الأجرة، سواء أنجز العمل كله أو بعضه؛ وسواء عمل أو لم يعمل؛ لأن المعقود عليه هو منفعته.
وقد ذهب الأئمة الأربعة إلى أن للأجير المشترك إنابة غيره ليقوم بعمله إذا لم يشترط عليه في العقد أن يعمل بنفسه، وكان المطلوب في الإجارة تحصيل العمل لا عين العامل.
جاء في بدائع الصنائع: «وللأجير أن يعمل بنفسه وأجرائه إذا لم يشترط عليه في العقد أن يعمل بيده؛ لأن العقد واقع على العمل، والإنسان قد يعمل بنفسه، وقد يعمل بغيره؛ ولأن عمل أجرائه يقع له، فيصير كأنه عمل بنفسه إلا إذا شرط