(٢) مجموع الفتاوى (٣٠/ ٢٠٣)، وليست المسألة محل إجماع كما ذكر ذلك ابن تيمية رحمه الله، بل الخلاف محفوظ فيها: فقد خالف ابن حزم في صلاة التطوع عن الغير، قال رحمه الله في المحلى، مسألة (١٣٠٣): «جائز للمرء أن يأخذ الأجرة على فعل ذلك عن غيره، مثل أن يحج عنه التطوع، أو يصلي عنه التطوع، أو يؤذن عنه التطوع، أو يصوم عنه التطوع .... ». وقد انفرد ابن حزم في هذا القول، وغاية ما استدل به أن الصلاة ليست واجبة على أي منهما، لا المستأجر، ولا المؤجر. وهذا لا يكفي في الاستدلال على مشروعية العبادة؛ لأن العبادات توقيفية تحتاج إلى إذن خاص من الشارع على فعل تلك العبادة، وحيث لم يقم دليل على صحة النيابة لم تصح الإجارة عليها، والله أعلم. كما اختلف الفقهاء في حكم أخذ الأجرة في قضاء الصلاة عن الميت، سوء أكانت الصلاة صلاة فرض أم صلاة نذر على أربعة أقوال. القول الأول: ذهب ابن حزم إلى جواز أخذ الأجرة على قضاء صلاة الفريضة التي نسيها، أو نام عنها، ولم يصلها حتى مات، وكذلك أخذ الأجرة على قضاء الصلاة المنذورة عن الميت. انظر المحلى، مسألة (١٣٠٤).
القول الثاني: ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الاستئجار على أداء الصلاة عن الميت مطلقًا، سواء أكانت صلاة فرض أو نذر، تركها لعذر أو لغير عذر. وبه قال عطاء بن أبي رباح وإسحاق بن راهوية كما في شرح مسلم للنووي (١/ ٩٠)، والشافعي في القديم انظر نهاية المحتاج (٣/ ١٩٣)، تحفة المحتاج (٣/ ٤٣٩)، واختاره بعض المالكية مواهب الجليل (٢/ ٥٤٣)، وأبو الخطاب من الحنابلة. الفروع (٣/ ٩٥). والراجح: أنه لا يجوز الاستئجار على فعل الصلاة عن الميت مطلقًا، سواء كانت فرضًا أو نذرًا، وسواء أتركها لعذر أم لغير عذر، وهذا مذهب الأئمة الأربعة. انظر المراجع التالية: بدائع الصنائع (٢/ ٢١٢)، المبسوط (٣/ ٨٩ - ٩٠)، تبيين الحقائق (١/ ٣٣٥)، فتح القدير (٢/ ٣٥٩ - ٣٦٠)، المنتقى للباجي (٢/ ٦٣)، الأم (٢/ ١٢٦)، حاشيتي قليوبي وعميرة (٣/ ٧٧)، مغني المحتاج (٢/ ٣٤٤)، الكافي لابن قدامة (٢/ ٣٠٤).