للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الشافعية إلى فساد العقد لعدم مطابقة القبول للإيجاب (١).

كما أفسدوا العقد أيضًا لو أوجب البائع بألف مكسرة، فقبل المشتري بألف صحيحة.

أو أوجب البائع بألف مؤجل فقبل بألف حال.

أو أوجب بألف مؤجل إلى شهرين فقبل بمؤجل إلى شهر. فكل ذلك عندهم لا ينعقد، مع العلم أن الزيادة هنا متعلقة بالصفة، وليست بالعدد.

والراجح هو رأي الجمهور، ما دامت المخالفة لصالح الموجب من كل وجه؛ وذلك أن مبنى العقد على التراضي، وقد تحقق، والتوافق قد تم بالنسبة للمبلغ المتفق عليه، وما زاد فالموجب إما أن يقبله، وإما أن يرده؛ لأن الشيء لا يدخل في ملك الإنسان إلا برضاه.

نعم لو كانت المخالفة إلى خير وأفضل لكن ليست من كل وجه، وإنما من وجه دون وجه لا ينعقد العقد، إلا بموافقة الطرف الآخر، وذلك كما لو أوجب


(١) قال النووي في المجموع (٩/ ٢٠٠): «وفي فتاوى القفال أنه لو قال: بعتكه بألف درهم فقال: اشتريت بألف وخمسمائة صح البيع قال الرافعي: هذا غريب وهو كما قال والظاهر هنا فساد العقد لعدم الموافقة».
وفي حاشية البجيرمي (٢/ ١٧٢): «وفي فتاوى القفال أنه لو قال: بعتك بألف درهم فقال: اشتريت بألف وخمسمائة صح البيع وهو غريب انتهى. وعليها أي: الصحة فلا يلزمه إلا الألف وحينئذ قد يقال: لا استغراب، ويفرق بين هذه الصورة وصورة المتن وهي قوله: فلو أوجب بألف مكسرة فقبل بصحيحة لم يصح بأن الزيادة في تلك زيادة صفة غير متميزة، فبطل العقد فيها، بخلاف الزيادة في هذه فإنها متميزة مستقلة فلم يفسد بسببها العقد، غاية الأمر أنها ألغيت ولم تلتزم انتهى.
قلت: لو قيل إن مسألة القبول بالألف الصحيحة أولى بالقبول؛ فإن الثمن لم يتغير من حيث العدد، وإنما تغير من حيث الصفة، والمنة فيه أيسر من المنة في زيادة الثمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>