للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول هنا بضرورة توافق الإرادتين غير ممكن إذ الدائن وقت وجود الالتزام غير معروف، وقد يكون الدائن غير موجود في الحال، ولكنه سيوجد في المستقبل، فلا يمكن الالتزام نحوه إلا بالإرادة المنفردة.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هناك فرقًا بين العقد والالتزام، فالعقد لا ينعقد إلا بتوافق الإرادتين، وأما الالتزام فيقوم كل طرف على إرادته هو وحده، فالإيجاب ملزم وحده في حق من صدر عنه، حتى يرفضه من وجه إليه، أو ينشغلا عنه بما يقطعه، أو يتفرقا من المجلس قبل صدور القبول، فالكلام بأنه لابد من تطابق الإرادتين إنما هو في الكلام على انعقاد العقد بين الطرفين، ولزومه في حقهما معًا، مثله تمامًا من اعتبر الوعد بالبيع ملزمًا لصاحبه إذا صدر عنه، ولا ينعقد العقد إلا إذا صدر القبول من صاحب الحق، فقد يكون الإيجاب ملزمًا لصاحبه ولا يلزم منه انعقاد العقد، لكون صاحب الحق في التملك لم يقبل.


= انظر نظرية العقد (١/ ١٨٦)، مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني - الدكتور أنور سلطان (ص: ٢٧٢)، النظرية العامة للالتزامات - مصادر الالتزام. الدكتور أمجد محمد منصور (ص: ٢٣٠).
وفي القانون الأردني تنص المادة منه (٢٥٠) من القانون المدني بأنه: «يجوز أن يتم التصرف بالإرادة المنفردة للمتصرف دون توقف على القبول ما لم يكن فيه إلزام الغير بشيء، وذلك طبقًا لما يقتضيه القانون».
يقول الدكتور أمجد منصور: يبين من النص أن المشرع الأردني يعتد بالإرادة المنفردة كمصدر للحق الشخصي (الالتزام) وهو قد تأثر في ذلك بلا شك بموقف الفقه الإسلامي في هذا الصدد، ولا ينال من هذا التوجه الذي ارتآه المشرع تلك العبارة التي جاءت في نهاية النص سالف الذكر، أي طبقًا لما يقضي به القانون، إذ لم تأت هذه الفقرة بجديد، ذلك أن الالتزام القانوني مفروض على الكافة، سواء كان بصدد التزام بإرادتين، أو التزام بإرادة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>