للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم لو وهبه العين بعد لزوم عقد الإجارة فإنه واضح أنها هبة محضة منفكة عن عقد الإجارة، ولم تكن سببًا في تسويق عقد الإجارة، ومرغبة فيه.

ومما يدل على أن الهبة جزء من عقد المعاوضة:

أن الإنسان لو وهبه أحد شيئًا وعلق ذلك على أمر مستقبل، ولم يتحقق الشرط لم تنفذ الهبة على الورثة.

فلو قال رجل: إذا دخل الشهر الفلاني فقد وهبتك كذا وكذا، ثم مات الواعد قبل دخول الشهر لم يستحق الموعود الهبة من مال الوارث؛ لأن دخول الشهر كان بعد موته.

أما المؤجر فلو مات قبل سداد الأقساط، فهل تسقط الهبة باعتبار أن الوعد بالهبة عقد مستقل، وقد توفي الواهب قبل سداد الأقساط فلا يستحق الهبة من مال الورثة.

أو يكون هذا الوعد وعدًا نافذًا على الورثة إذا سدد المستأجر آخر قسط من أقساط الإجارة باعتبار أن الهبة جزء من عقد الإجارة.

وإن كنت لم أقف على كلام لأهل العلم المتقدمين في هذه المسألة إلا أن الشيخ محمد المختار السلامي أشار إليها في بحث له، ورجح أن الورثة ملزمون بتنفيذ الوعد باعتبار أنهم وارثون للمورث فيما له، وفيما عليه من حقوق (١).

فجعلها من الحقوق اللازمة مع أن الهبة معلقة على شرط لم يتحقق في حياة المورث، وإذا لم يتحقق الشرط لم يتحقق المشروط، وهذا دليل على أن الهبة جزء من عقد المعاوضة، وإن أعطيت اسم الهبة، والله أعلم.


(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الثاني عشر (١/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>