للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يكون الجمع بين الأحاديث الصحيحة، فحديث أسامة وزيد ابن أرقم والبراء بن عازب مما ظاهرها يفيد جواز ربا الفضل، ويمنع ربا النسيئة إنما هي في أجناس ربوية مختلفة يجوز فيها التفاضل ويحرم فيها النسأ.

وحديث عبادة، وأبي سعيد الخدري، وعمر بن الخطاب وأبي هريرة، وأبي ذر وغيرها من الأحاديث المجمع على صحتها مما تحرِّم التفاضل إنما هي في الجنس الواحد، ولا بد من الجمع أو الترجيح، لأن الأحاديث جميعها أحاديث صحيحة ثابتة عن المعصوم، والجمع مقدم على الترجيح، فكيف إذا


= والنسائي في السنن الكبرى (٦١٦٧)، وفي المجتبى (٤٥٧٥) من طريق محمد بن منصور.
والدارقطني في السنن (٣/ ١٦) من طريق أحمد بن روح.
كلهم عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال: بلفظ: باع شريك لي ورقًا بنسيئة. وبعضهم يقول (دراهم بنسيئة والمعنى واحد) ولم يذكر جنس الثمن. وإنما ذكر المبيع أنه دراهم، وذكر الأجل، ولم يذكر الثمن.
وخالفهم الحميدي، فرواه في مسنده (٧٢٧) عن سفيان، عن عمرو، عن أبي المنهال به بلفظ: باع شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم. فذكر جنس الثمن، وأنه دراهم. وهذا خطأ.
أولًا: أن الحميدي وإن كان ثقة فإنه انفرد بهذه الزيادة عن بقية من رواه عن سفيان، ومنهم علي بن المديني، ومحمد بن حاتم عند مسلم، ومحمد بن منصور عند النسائي، وأحمد بن روح عند الدارقطني كلهم يتفقون على عدم ذكر جنس الثمن.
ثانيًا: أنه قد رواه البخاري (٢١٨١) ومسلم (١٥٨٩) من طريق شعبة، عن حبيب، عن أبي المنهال، بلفظ: نهى عن بيع الورق بالذهب دينًا. فذكر جنس الثمن، وأنه من الذهب.
إذا علم هذا حمل اللفظ المجمل، والذي رواه البخاري (٢٠٦١) من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي المنهال، عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم، سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصرف، فقال: إن كان يدًا بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح.
أن المسئول عنه هو صرف الورق بالذهب، وليس صرف الذهب بجنسه، ولا صرف الفضة بجنسه، لأن الصرف إذا أطلق يراد به صرف الذهب بالورق. قال الحافظ في الفتح (٤/ ٣٨٣): «فبيع النقد إما بمثله، وهو المراطلة، أو بنقد غيره، وهو الصرف»، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>