قليل من أهل القياس - يقولون: بأن جزء العلة الاتفاق في الجنس، ويختلفون في تعيين الجزء الآخر:
هل هو الكيل أو الوزن وحده كالحنفية.
أو الطعم، وحده كالشافعية.
أو الاقتيات والادخار وحده كالمالكية.
أو الطعم مع كونه مكيلًا أو موزونًا كما هو قديم قول الشافعية، ورواية عن أحمد.
فاستبعدنا مذهب الحنفية للحديث الصحيح (الطعام بالطعام مثلا بمثل)، وإن قيل: إن هذا فرد من أفراد لا يقتضي تخصيصًا، إلا أننا إذا نظرنا في الأصناف الأربعة وجدناها كلها مطعومة، لذلك أبعدنا غير المطعوم من جريان الربا فيه.
وبقي الخلاف: هل العلة الطعم، أو الاقتيات والادخار وحدهما، أو أن العلة مركبة: بين الطعم والكيل.
والذي أميل إليه أن الكيل غير معتبر في كونه علة في جريان الربا، وإن كان ا لكيل أو الوزن معيارًا يتوصل فيه إلى ضبط التساوي مما يحرم فيه التفاضل للأسباب التالية.
الأول: أن العلة في الذهب والفضة مطلق الثمنية، وألحقنا بها الأوراق النقدية، وكذلك الفلوس مع أن الحديث يقول: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن، ولا الفضة بالفضة إلا وزنًا بوزن.
فالذهب بالذهب، والفضة بالفضة يحرم فيه التفاضل، والمعيار الشرعي فيه هو الوزن، ومع ذلك لم يكن الوزن هو العلة في جريان الربا فيهما، فليكن الكيل معيارًا يتوصل فيه إلى ضبط التساوي بين بيع البر بالبر والشعير بالشعير،