وقد انفرد عامر بن يحيى المعافري هنا في هذا الحديث أن ما في القلادة (ذهب وورق وجوهر)، وأن القصة حدثت لتابعي، وليست لفضالة، فالرواية هذه إن لم تكن شاذة، وهو الأظهر، فهي حادثة أخرى غير الحادثة التي جرت لفضالة. والأصل عدم تعدد الحوادث، وأن القصة واحدة. وبهذا أكون قد كشفت الخلاف على حنش الصنعاني في لفظه، وقد رواه غير حنش الصنعاني كما سيأتي في الطريق التالي. الثاني: علي بن رباح اللخمي، عن فضالة. أخرجه مسلم (١٥٩١) من طريق أبي هانئ الخولاني، أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم تباع، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الذهب بالذهب وزنا بوزن. ومن طريق أبي هاني الخولاني أخرجه أحمد (٦/ ١٩)، وابن الجارود في المنتقى (٦٥٤)، وأبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني (٢١١٣)، والطحاوي في مشكل الآثار (٦٠٩٨، ٦٠٩٩)، وفي شرح معاني الآثار (٤/ ٧٣)، والطبراني في المعجم الكبير (١٨/ ٣١٤) رقم ٨١٣، وأبو عوانة في مسنده (٥٤١٢، ٥٣٧٢)، وسعيد بن منصور في سننه (٢٧٥٧)، والدارقطني في سننه (٣/ ٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٩٢)، وفي معرفة السنن والآثار (٤/ ٣٠٩). وأنت تلحظ أن علي بن رباح اللخمي مع ثقته لم يختلف عليه في الحديث، فأرى أن حديثه هو المحفوظ، وأما حنش الصنعاني فقد اختلف عليه اختلافًا كثيرًا، فيقبل من روايته ما وافق رواية علي ابن رباح، وما خالفها، فهو مما اختلف عليه فيها فترد لشذوذها. هذا ما تقتضيه قواعد هذا الفن في معزل عن فقه الحديث، فإن الفقه قد يخطئ وقد يصيب، فلا يجب حمل الحديث على الفقه، والاعتقاد في فقه الحديث قبل بحثه يعتبر خطأ منهجيًا في البحث العلمي، والله أعلم. =