للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن العربي: «فإن قيل: إنما حرمت هذا خوفًا من القصد، وأنت لم تعلم قصده؟ قلنا: هذه نكتة المسألة وسرها الأعظم، وذلك أنه لما كان هذا أمرًا مخوفًا حسم الباب فيه، ومنع من صورته لتعذر الوقوف على القصد فيه، والشريعة إذا علقت الأحكام بالأسباب الباطنة أقامت الظاهر مقامه كالمشقة في السفر التي علقت عليه الرخص لما لم تنضبط علقت على صورة السفر، والعدة لما وضعت لبراءة الرحم علقت على وجود الوفاة والطلاق، ولم يعتبر بصورة الزوجة في إمكان الوطء وعدمه وخوف الحمل والأمن منه؛ لأن ذلك ما لا يتحصل للخلق» (١).

رابعًا: وهو أهمها أن الذرائع إلى الحرام حرمها ا لشارع وإن لم يقصد بها الفاعل الحرام خشية أن تفضي إلى المحرم، فإن انضم إلى ذلك قصد الحرام كان ذلك أولى بالتحريم.

يقول في هذا ابن تيمية: «الذرائع حرمها الشارع وإن لم يقصد بها المحرم خشية إفضائها إلى المحرم فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع وبهذا التحرير يظهر علة التحريم في مسائل العينة وأمثالها وإن لم يقصد البائع الربا ; لأن هذه المعاملة يغلب فيها قصد الربا فيصير ذريعة فيسد هذا الباب لئلا يتخذه الناس ذريعة إلى الربا» (٢).

خامسًا: لا يحل لمسلم أن يعتقد أن زيد بن أرقم قد واطأ أم ولده على شراء الذهب بالذهب متفاضلًا إلى أجل، فإنكار عائشة له يدل على أن البيع محرم، سواء اتخذ ذلك حيلة إلى مبادلة الربوي بالربوي مع التفاضل والنسأ، أو لم يقصد التحايل.


(١) عارضة الأحوذي (٥/ ٢٠١).
(٢) الفتاوى الكبرى (٦/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>