وفي مذهب الحنابلة، انظر: المبدع (٩/ ٣٤٥)، الإنصاف (١١/ ١٥٢). وانظر المحلى لابن حزم (٨/ ٢٨). واستدلوا على ذلك بأدلة، منها: الدليل الأول: قالوا: إجماع العلماء على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع بقية الغرماء، ولو كان مستحقًا لأن يقضى له بموجب الوعد لضارب مع الغرماء. الدليل الثاني: ذكروا بأن العدة إن كانت في عارية لم يجب الوفاء بها؛ لأنها منافع لم تقبض، وفي غير العارية أشخاص وأعيان موهوبة لم تقبض، فلم تلزم، لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض على الصحيح، ولصاحبها الرجوع فيها الدليل الثالث: ما رواه مالك في الموطأ (٢/ ٧٥٢) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقًا من ماله، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلى غنى بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث ..... [إسناده صحيح] فهذا الصديق الخليفة الراشد وعد ابنته، ولما لم تقبضه في حال صحته لم ير لزومه، ولو كان مجرد الوعد يجب الوفاء به، لكان دينًا في ذمته، ووجب عليه سدداه. القول الثاني: ذهب الإمام مالك في المشهور من مذهبه إلى أنه يجب الوفاء بالوعد إن خرج على سبب، ودخل الموعود له بسببه في كلفة، أما إذا لم يباشر الموعود السبب فلا شيء على الواعد. وقال أصبغ: يجب الوفاء بالعدة إذا كانت مرتبطة بسبب، سواء دخل الموعود بسببه في كلفة أو لم يدخل فيه. مثاله: كما لو قال له: اهدم دارك، وأنا أعدك أن أقرضك ما يعينك على بنائه، أو قال له =