وعلى قول أصبغ: يجب الوفاء ولو لم يباشر الهدم أو يدخل في كلفة الزواج. الفروق للقرافي (٤/ ٢٥)، البيان والتحصيل (٨/ ١٨)، تحرير الكلام في مسائل الالتزام (ص: ١٥٥)، المنتقى للباجي (٣/ ٢٢٧). وجه قول المالكية: أن مذهب المالكية مبني على عدم وجوب الوفاء بالوعد، إذ لو كان الوفاء بالوعد واجبًا لم يكن ثمة فرق بين أن يكون الوعد مرتبطًا بسبب، أو ليس مرتبطًا به، ولكنه قضى به؛ لأنه تسبب له في إنفاق مال قد لا يتحمله، ولا يقدر عليه، دفعًا للضرر عن الموعود المغرر به، وتقريرًا لمبدأ تحمل التبعة لمن ورطه في ذلك، وقد نبه على ذلك العلامة محمد العزيز جعيط، انظر مجالس العرفان، ومواهب الرحمن (٢/ ٣٤). وقال مصطفى الزرقاء في بيان وجه قول المالكية في المدخل الفقهي العام (٢/ ١٠٣٠): «وهذا وجيه جدًا؛ فإنه يبني الإلزام بالوعد على فكرة دفع الضرر الحاصل فعلًا للموعود من تغرير الواعد». القول الثالث: ذهب الحنفية إلى أن الوعد لا يكون لازمًا إلا إذا كان معلقًا. مثاله: أن يقول رجل لأخر: بع هذا الشيء على فلان، وإذا لم يعطك ثمنه، فأنا أعطيك إياه. فإذا لم يعطه المشتري الثمن لزم الواعد أداء الثمن المذكور. أما إذا كان الوعد وعدًا مجردًا، أي غير مقترن بصورة من صور التعاليق، فلا يكون لازمًا. مثال ذلك: لو باع شخص مالا من آخر بثمن المثل، أو بغبن يسير، وبعد أن تم البيع، وعد المشتري البائع بإقالته من البيع، إذا رد له الثمن، فلو أراد البائع استرداد المبيع، وطلب إلى المشتري أخذ الثمن، وإقالته من البيع، فلا يكون المشتري مجبرًا على إقالة البيع، بناء على ذلك الوعد; لأنه وعد مجرد. كذلك، لو قال شخص لآخر: ادفع ديني من مالك، والرجل وعده بذلك، ثم امتنع عن الأداء، فلا يلزم بوعده هذا على أداء الدين. وجه قول الحنفية: قالوا: إذا كان الوعد معلقًا يظهر منه معنى الالتزام، كما في قوله: إن شفيت أحج، فشفي، ولو أقال: أحج لم يلزمه بمجرده. انظر غمز عيون البصائر (٣/ ٢٣٧). =