للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الانتفاع بالرهن إذا قام بمصلحته ولو لم يأذن له المالك، وهو قول أحمد وإسحاق.
وطائفة قالوا: ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب بقدر النفقة ولا ينتفع بغيرهما لمفهوم الحديث .... وذهب الجمهور إلى أن المرتهن لا ينتفع من المرهون بشيء، وتأولوا الحديث لكونه ورد على خلاف القياس من وجهين:
أحدهما: التجويز لغير المالك أن يركب ويشرب بغير إذنه.
والثاني: تضمينه ذلك بالنفقة لا بالقيمة. قال ابن عبد البر: هذا الحديث عند جمهور الفقهاء يرده أصول مجمع عليها، وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها، ويدل على نسخه حديث ابن عمر الماضي في أبواب المظالم (لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه) انتهى. وقال الشافعي: يشبه أن يكون المراد من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن من درها وظهرها فهي محلوبة ومركوبة له كما كانت قبل الرهن، واعترضه الطحاوي بما رواه هشيم، عن زكريا في هذا الحديث ولفظه (إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها) الحديث. قال فتعين أن المراد المرتهن لا الراهن، ثم أجاب عن الحديث بأنه محمول على أنه كان قبل تحريم الربا فلما حرم الربا حرم أشكاله من بيع اللبن في الضرع، وقرض كل منفعة تجر ربا، قال: فارتفع بتحريم الربا ما أبيح في هذا للمرتهن، وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والتاريخ في هذا متعذر؛ والجمع بين الأحاديث ممكن، وطريق هشيم المذكور زعم ابن حزم أن إسماعيل بن سالم الصائغ تفرد عن هشيم بالزيادة وأنها من تخليطه، وتعقب بأن أحمد رواها في مسنده عن هشيم، وكذلك أخرجه الدارقطني من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم. وقد ذهب الأوزاعي والليث وأبو ثور إلى حمله على ما إذا امتنع الراهن من الإنفاق على المرهون فيباح حينئذ للمرتهن الإنفاق على الحيوان حفظا لحياته ولإبقاء المالية فيه، وجعل له في مقابلة نفقته الانتفاع بالركوب، أو بشرب اللبن بشرط أن لا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه، وهي من جملة مسائل الظفر. وقيل: إن الحكمة في العدول عن اللبن إلى الدر الإشارة إلى أن المرتهن إذا حلب جاز له، لأن الدر ينتج من العين بخلاف ما إذا كان اللبن في إناء مثلا ورهنه فإنه لا يجوز للمرتهن أن يأخذ منه شيئا أصلًا، كذا قال، واحتج الموفق في المغني بأن نفقة الحيوان واجبة =

<<  <  ج: ص:  >  >>