للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورده بعد قبضه ما لم يفت، ولا يتوقف فسخه على رضا الطرفين، ما دامت عينه قائمة ولم تتغير، ولم يتصرف فيها قابضها، وأخذ الربا بنية التخلص إمضاء لعقد يجب فسخه، وتكرار لفعل مأذون فاعله بحرب من الله ورسوله.

قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: «الفاسد يجب فسخه على كل منهما بدون رضا الآخر، وكذا للقاضي فسخه بلا رضاهما» (١).

وقال ابن الجلاب المالكي في كتابه التفريع: «من اشترى شيئاً بيعاً فاسداً فسخ بيعه، ورد المبيع على بائعه» (٢).

وقال ابن رشد: «اتفق العلماء على أن البيوع الفاسدة إذا وقعت، ولم تفت بإحداث عقد فيها، أو نماء، أو نقصان، أو حوالة سوق أن حكمها الرد - أعني أن يرد البائع الثمن والمشتري المثمون» (٣).

خامساً: ليس التخلص من الربا أحب إلى الله من قطع الربا وعدم الإقدام عليه ولذلك قال تعالى: {فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:٢٧٥] ولم يوجب عليه التخلص، ثم قال: {وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٢٧٥] والمساهم في الشركات المختلطة يعود إلى عقد الربا في كل صفقة تعقدها الشركة مع البنوك الربوية، وهي عقود متجددة ومستمرة، فالموافقة على فعل الربا ونشره والإقدام عليه أخطر من كون المرء أخذ هذا المال أو لم يأخذه، ولذلك كانت اللعنة للكاتب والشاهد، وهم لم يأخذوا شيئاً.


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ١٢٤).
(٢) التفريع لابن الجلاب (٢/ ١٨٠).
(٣) بداية المجتهد (٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>