واقتراض الجواري فيها خلاف بين الفقهاء، فقيل: المنع مطلقًا، وهو مذهب الجمهور وقيل: يجوز اقتراض الجواري، ولكن إن وطئها رد غيرها حتى لا يرد موطوءته، انظر الذخيرة للقرافي (٥/ ٢٨٧). وقيل: يجوز اقتراض الجواري إذا كان لا يؤدي ذلك إلى الوطء، كما لو كانت الجارية في سن لا يوطأ مثلها، أو المقترض صغيرًا إذا اقترضها له وليه، أو كانت المقترض امرأة، أو ذا رحم منها، أو محرمًا عليه وطؤها لقرابة. ودليلهم أن المنع إنما كان من أجل ألا يؤدي ذلك إلى إعارة الفروج، وهنا العلة منتفية. وقيل: يجوز استقراض الإماء مطلقًا، وهذا اختيار المزني، وداود بن علي، وأبي جعفر الطبري، انظر التمهيد (٤/ ٦٦)، المحلى (٨/ ٨٢ - ٨٣). وهو الصحيح؛ لأن الأصل الحل، ولا يجوز المنع إلا بدليل من كتاب الله وسنة رسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يوجد دليل يمنع من ذلك.، وإذا اقترض الرجل عينًا فقد ملكها، وجاز له التصرف فيها بالبيع وغيره، وإذا جامعها فقد جامع ملك اليمين، وهذا جائز بنص القرآن، وإنما المحذور أن يطأ جارية غيره. والقاعدة الفقهية تقول: ما جاز بيعه جاز قرضه، والله أعلم. وسوف يأتي إن شاء الله تحرير الخلاف فيها بشكل موسع، مع بيان الراجح في باب القرض، أسال الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا إياه بحوله وقوته. (٢) قال في المهذب (١/ ٣٠٣): «ويجوز قرض كل مال يملك بالبيع، ويضبط بالوصف؛ لأنه عقد تمليك يثبت العوض في الذمة، فجاز فيما يملك ويضبط بالوصف كالسلم، فأما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر وغيرها ففيها وجهان: أحدهما: لا يجوز؛ لأن القرض يقتضي رد المثل، وما لا يضبط بالوصف لا مثل له.
والثاني: يجوز؛ لأن ما لا مثل له يضمنه المستقرض بالقيمة، والجوهر كغيرها في القيمة». وانظر السراج الوهاج (ص: ٢١١).