ومذهب الحنابلة قريب من مذهب الحنفية حيث لا يشترطون تساوي المالين، وهم يصرحون بأن الشريك ينفذ تصرفه بحكم الملك في نصيبه، وبحكم الوكالة في نصيب شريكه، ولو كان فيها معاوضة وتمليك لكان تصرفه في ملك شريكه بحكم الملك المشترك بينهما، كما أن الشركة عندهم عقد جائز، وليس عقدًا لازمًا.
والمتأمل في مذهب الشافعية، وإن اشترطوا بعض الشروط التي لم يشترطها الجمهور إلا أن الشركة عندهم لا تدخل في باب المعاوضات.
ذلك أن الشافعية يشترطون خلط المالين خلطًا لا يمكن تمييزهما قبل عقد الشركة، ليكون الملك مشاعًا بين الشريكين، ثم يتم عقد الشركة، والذي بموجبه يكون الإذن في التصرف، وهذا الإذن لا يعتبر بحد ذاته معاوضة.
قال النووي في الروضة:«وينبغي أن يتقدم الخلط على العقد، فإن تأخر حكى في التتمة وجهين، أصحهما المنع؛ إذ لا اشتراك حال العقد ..... ولو ورثوا عروضًا، أو اشتروها، فقد ملكوها شائعة، وذلك أبلغ من الخلط، فإذا انضم إليه الإذن في التصرف تم العقد»(١).
وعليه فالشركة عند الشافعية هي ملك مشاع يسبق العقد، وذلك يحصل باختلاط المالين حتى لا يمكن تمييزهما، فإن أمكن التمييز فلا تصح الشركة، يتبعه بعد ذلك إذن بالتصرف، والإذن بالبيع لا يعتبر بيعًا، وإنما هو وكالة بالبيع. كما أنهم يتفقون مع الحنفية بأن عقد الشركة عقد جائز، وليس عقدًا لازمًا؛ لأن مبناه على الوكالة، والوكالة من العقود الجائزة.