للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا كان هذا هو التوصيف الفقهي عند المالكية للتبرع بالضمان، وأنهم إنما قبلوه وصححوه؛ لأنه من قبيل الوعد بالمعروف بعد لزوم العقد والشروع فيه لم يكن له صفة الإلزام على الصحيح، وقد قال فضيلة الشيخ نزيه حماد نفسه في المواعدة على الشراء: «لم ينقل عن أحد منهم - يعني من الفقهاء- قول بأن في المواعدة قوة ملزمة لأحد المتواعدين، أو لكليهما؛ لأن التواعد على إنشاء عقد في المستقبل ليس عقدًا» (١).

وأما قولهم: إذا صح التطوع بالضمان بعد العقد، صح التطوع بالضمان في صلب العقد فهذا الكلام غير صحيح؛ لأن التطوع به في صلب العقد، وقبل


= القول الرابع: ذهب القاضي سعيد بن أشوع الكوفي، وابن شبرمة، واختاره بعض المالكية إلى وجوب الوفاء بالعدة، وأنه يقضى بها مطلقًا.
انظر صحيح البخاري، كتاب الشهادات، باب من أمر بإنفاذ الوعد (٣/ ٢٣٦)، الفروق (٤/ ٢٥)، المحلى (٨/ ٢٨).
القول الخامس: اختار تقي الدين السبكي الشافعي، إلى أن العدة يجب الوفاء بها ديانة لا قضاء، ورجحه فضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.
قال تقي الدين السبكي الشافعي كما في الفتوحات الربانية (٦/ ٢٥٨): «ولا أقول يبقى دينًا في ذمته حتى يقضى من تركته، وإنما أقول: يجب الوفاء تحقيقًا للصدق، وعدم الإخلاف».
قال السخاوي: «ونظير ذلك نفقة القريب، فإنها إذا مضت مدة يأثم بعدم الدفع، ولا يلزم به، ونحوه قولهم: في فائدة القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة: تضعيف العذاب عليهم في الآخرة مع عدم إلزامهم بالإتيان بها».
وقال الشنقيطي كما في أضواء البيان (٤/ ٣٠٤): «والذي يظهر لي أن إخلاف الوعد لا يجوز ... ولا يجبر به؛ لأنه وعد بمعروف محض».
وقد ذكرنا أدلتهم عند الكلام على بيع المرابحة للآمر بالشراء، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، ولله الحمد وحده.
(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي (٥/ ٢/٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>