للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لزومه يكون جزءًا من عقد المعاوضة بخلاف التبرع به بعد لزوم العقد، ولا يصح أن تقاس عقود المعاوضات على عقود التبرعات، وذلك أن عقود التبرعات يتسامح فيها ما لا يتسامح في عقود المعاوضات، حثًا للناس على التبرع، وترغيبًا لهم في ذلك، ألا ترى أن صورة القرض هي تمامًا صورة بيع النقد بالنقد نسيئة، لكن أبيح الأول؛ لأنه تبرع، ومنع الثاني؛ لأنه معاوضة، والغرر الكثير مؤثر في عقود المعاوضات بالاتفاق، أما في عقود التبرعات فالصحيح الذي عليه الجمهور أنه غير مؤثر (١).

ولو أنه أقرضه بشرط أن يقضيه خيرًا مما أعطاه حرم بالاتفاق، ولو قضاه خيرًا مما أعطاه بلا شرط لم يحرم على الصحيح.

(ح-٩٠٧) يدل لذلك ما رواه مسلم من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار،

عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بكرًا، فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خيارًا رباعيًا، فقال: أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء (٢).

قال ابن عبد البر: «في حديث أبي رافع هذا ما يدل على أن المقرض إن أعطاه المستقرض أفضل مما أقرضه جنسًا، أو كيلًا، أو وزنًا، أن ذلك معروف، وأنه يطيب له أخذه منه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أثنى فيه على من أحسن القضاء، وأطلق ذلك، ولم يقيده بصفة» (٣).


(١) انظر الخدمات الاستثمارية في المصارف (١/ ٣٢٢).
(٢) صحيح مسلم (١٦٠٠).
(٣) التمهيد لابن عبد البر (٤/ ٦٨)، وانظر عمدة القارئ (١٢/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>