للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان البذر من العامل لا يجوز إذا لم يبين إلا إذا عمم بأن قال: ازرع ما بدا لك؛ لأن العقد لازم في حق صاحب الأرض، فإن زرعها انقلبت صحيحة؛ لأنه خلى بينه وبين الأرض وتركها في يده حتى ألقى البذر، فقد تحمل الضرر، فيزول المفسد كغيره من العقود الفاسدة يفيد الملك إذا أذن له بالقبض (١).

هذا الكلام في مذهب الحنفية وجه القياس، وفي الاستحسان بيان ما يزرع في الأرض ليس بشرط، فوض الرأي إلى المزارع أو لم يفوض بعد أن ينص على المزارعة، فإنه مفوض إليه (٢).

جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: «يشترط أن يكون المزروع معلومًا، أي يشترط تعيين الزرع: أي ما سيزرع، أو تعميمه على أن يزرع الزارع ما يشاء; لأن الأجرة في المزارعة هي بعض الحاصلات، وبيان الأجرة شرط في صحة العقد، كما أن بعض الزرع يضر الأرض ضررًا بليغًا، فلذلك إذا لم يبين في العقد جنس البذر، فينظر فإذا كان البذر مشروطا إعطاؤه من قبل صاحب الأرض فيكون جائزًا; لأنه في هذه الصورة لا تتحقق المزارعة قبل الزرع ......... ويعلم البذر والأجرة بعد الزرع .... إذ الإعلام عند التأكيد بمنزلة الإعلام وقت العقد. وإذا كان البذر من طرف العامل: أي الزارع، ولم يعين كما أنه لم يعمم فتفسد المزارعة; لأنها لازمة في حق صاحب الأرض قبل إلقاء البذر، فلا تجوز، وإذا لم يعين البذر، ولم يعمم أيضا إلا أن الأرض زرعت فتنقلب المزارعة إلى الصحة، حيث قد أصبح البذر معلومًا; لأنه خلى بينه وبين


(١) درر الحكام شرح مجلة الأحكام (٣/ ٤٦٨)، الهداية شرح البداية (٤/ ٥٤)، الفتاوى الهندية (٥/ ٢٣٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٧٩).
(٢) العناية شرح الهداية (٩/ ٤٦٥)، البحر الرائق (٨/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>