جاء في بدائع الصنائع: (٦/ ٢٢٠): «(ومنها) أن يجعل آخره بجهة لا تنقطع أبدا عند أبي حنيفة ومحمد، فإن لم يذكر ذلك لم يصح عندهما، وعند أبي يوسف ذكر هذا ليس بشرط بل يصح وإن سمى جهة تنقطع، ويكون بعدها للفقراء وإن لم يسمهم (وجه) قول أبي يوسف أنه ثبت الوقف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة، ولم يثبت عنهم هذا الشرط ذكرًا وتسمية. ولأن قصد الواقف أن يكون آخره للفقراء وإن لم يسمهم هو الظاهر من حاله، فكان تسمية هذا الشرط ثابتًا دلالة، والثابت دلالة كالثابت نصًا. ولهما أن التأبيد شرط جواز الوقف لما نذكر، وتسمية جهة تنقطع توقيت له معنى فيمنع الجواز». إذا علم هذا نأتي على بعض العبارات عند الحنفية في صحتها، ودلالتها على التأبيد لفظًا أو معنى: فإذا قال: [أرضي وقف، ولم يعين مصرفًا، ولم يذكر لفظ الصدقة] فهذه المسألة سبق بحثها، وهي صحيحة عند أبي يوسف؛ لأنصراف الوقف إلى الفقراء عرفًا، فيكون مؤبدًا، ولا تصح عند محمد؛ لعدم دلالتها على التأبيد، فهي وقف منقطع عنده، وليس منقطعًا عند أبي يوسف. يقابلها: لو قال: [أرضي هذه وقف على فلان، ولم يذكر لفظ الصدقة]. لم تصح بلا خلاف بينهم؛ لأن التأبيد شرط، ولم يثبت لفظًا كما هو شرط محمد، ولم يثبت دلالة كما هو شرط أبي يوسف. والفرق بين هذه والتي قبلها هو في تعيين الموقوف عليه. جاء في البحر الرائق (٥/ ٢١٤): «إذا ذكر لفظ الوقف فقط فلا يجوز اتفاقًا إذا كان الموقوف عليهم معينًا». ولو قال: [أرضي هذه صدقة موقوفة، ولم يعين الموقوف عليه]. فهي صحيحة بلا خلاف عند الحنفية؛ لأن لفظ الصدقة إذا لم يعين الموقوف عليه تنصرف إلى الفقراء، وهي جهة لا تنقطع. ولو قال: [صدقة موقوفة على فلان بتعيين الموقوف عليه]. =