للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية في نقده للكتاب: «الاتفاق إنما هو في قرض المثليات: المكيل والموزون، وأما ما سوى ذلك، فأبو حنيفة لا يُجَوِّزُ قرضَه؛ لأن موجب القرض المثل، ولا مثل له عنده، فالنزاع فيه كالنزاع في الحيوان» (١).

وكلام ابن تيمية لا ينقض استدلالنا على ورود الإجماع على جواز قرض المال المثلي، وإنما يورد والنزاع في إقراض المال القيمي، وهو ليس ردًا للقرض من حيث كونه قرضًا، وإنما لأن القرض يوجب رد البدل، وما لا مثل له لا يتمكن المقترض من رد بدله على القول بأن الواجب رد المثل، والله أعلم.

وأما الدليل من القياس:

القرض يشبه شراء الشيء بدين في الذمة؛ بجامع أن كلًا منهما يأخذه ليرد عوضه.

كما يشبه القرض العارية، بجامع أن كلًا من المعير والمقرض يدفع ماله لمن ينتفع به، إلا أنه في العارية يقوم المستعير برد عينه، وأما في القرض فقد يرده وقد يرد بدله، والله أعلم.

وقد قال بعض الفقهاء: إن القرض عارية ابتداء، معاوضة انتهاء (٢).

وقولنا: مندوب هذا من حيث الجملة، وقد يعرض للقرض ما يجعله واجبًا كالإقراض لمن اضطر إليه لحفظ النفس.

وقد يكون مكروهًا كالاستعانة به على فعل مكروه.


(١). نقد مراتب الإجماع (ص: ٢٩٦).
(٢). حاشية ابن عابدين (٥/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>