وقال تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا}[الأنعام: ٢٨]، ومن قال: إنه لا يسمى عائدًا في هبته حتى تخرج الهبة منه، ثم تعود عليه فقد ادعى شيئًا لا تدل عليه اللغة، فمن عاد عن البيع بعد انعقاده صح أن يقال: قد عاد عن بيعه، وإن كان المبيع في يده.
الدليل الثالث:
قياس الهبة على سائر العقود حيث لم يتوقف انعقادها على القبض.
ونوقش:
بأن الأدلة قد صحت في اعتبار القبض في الهبة كما سيأتي في أدلة القول الثاني، فلم يصح القياس.
ورد هذا:
بأن القبض في الهبة ليس من شروط الانعقاد، وإنما هو شرط لإتمامها، وبينهما فرق، ولن يكون اعتبار القبض في الهبة بأكثر من اعتباره في العقود الربوية، والتي جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بوجوبه يدًا بيد قبل التفرق، ومع ذلك لا يتوقف الانعقاد فيها على القبض، فهي تنعقد بالإيجاب والقبول، والقبض شرط لاستمرار انعقادها على الصحة.
الدليل الرابع:
أن الهبة تمليك عين في حال الحياة، فوجب أن يلزم بمجرد الإيجاب والقبول كالبيع.