للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه التفريق: أن الهبة تمليك، والتمليك يفتقر إلى القبول، والإبراء: إسقاط، والإسقاط لا يفتقر إلى قبول.

ولم يفرق زفر بين الإبراء والهبة؛ لأن ما في الذمة ليس بمحل للتمليك.

قال السرخسي: «والحاصل: أن هبة الدين ممن عليه الدين لا تتم إلا بالقبول، والإبراء يتم من غير قبول، ولكن للمديون حق الرد قبل موته إن شاء الله.

وعن زفر رحمه الله أنه يسوي بينهما، وقال: تتم الهبة والإبراء قبل القبول» (١).

الراجح:

قد دل الكتاب والسنة والإجماع على صحة هبة الدين لمن هو عليه.

أما القرآن فقال تعالى: {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا} [النساء: ٩٢]. فأطلق على الإبراء لفظ الصدقة.

وقال تعالى: {إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧].

ولا أرى أن ذلك يتوقف على قبوله؛ لأنه يتم بإرادة منفردة، ولكن لو رد ذلك يجب أن يرتد؛ لأنه لا أحد يجبر على قبول هبة أو إبراء أو صدقة، أو عطية؛ لما فيه من الضرر عليه بتحمل المنة التي تأباها قلوب ذوي المروءات، وقد يؤذى بالتحدث عن ذلك، والله أعلم.

* * *


(١). المبسوط (١٢/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>