المسألة الثانية: في حكم الاقتراض من الوديعة، وسبق بحث هذه المسألة أيضًا، وبيان الخلاف فيها بين المالكية والجمهور.
فمن قال: يحرم الاقتراض من الوديعة مطلقًا كما هو قول الجمهور، فهو سيحرم بكل حال الاتجار فيها؛ لأن الاتجار في الوديعة إن كان لنفسه فهو اقترض منه للوديعة.
وإن كان الاتجار لصاحبها، فهو من تصرف الفضولي، وإن دخل بذلك على أنه مضارب، بحيث يكون الربح بينهما، فهو شريك عند من يرى أن عقد المضاربة من عقود الشركات. وتصرف الفضولي سبق بحثه في عقد البيع، وكذا أحكام المضاربة قد عقد له كتاب خاص.
وأما المالكية ففيه تفصيل في الاتجار في الوديعة يرجع إلى نفس التفصيل في الاقتراض منها:
فإن كانت الوديعة مالًا متقومًا مما تختلف الأغراض في عينه، ولا يقوم مثله مقامه، فلا تجوز الاتجارة فيه من قبل المودع.
ومثله لو كان الوديع معسرًا فلا يجوز له الاتجار في الوديعة.
وإذا كانت الوديعة مالًا مثليًا كالنقد، ومثله المكيل والموزون، والوديع مليًا، فتكره له التجارة في الوديعة، وإذا اتجر فإنه ضامن للوديعة (١).
وقد جعل خليل حكم السلف للوديع حكم الاتجار في الوديعة، فقال في