للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: «من أنكر وديعة ادعيت، صدق بيمينه، فلو أقام المدعي بينة بالإيداع، أو اعترف بها المدعى عليه، طولب بها. فإن ادعى ردها أو تلفها قبل الجحود أو بعده، نظر في صيغة جحوده، فإن أنكر أصل الإيداع، لم تقبل دعواه الرد؛ لتناقض كلامه وظهور خيانته .... وإن كانت صيغة جحوده: لا يلزمني تسليم شيء إليك، أو ما لك عندي وديعة أو شيء، صدق في دعوى الرد والتلف؛ لأنها لا تناقض كلامه الأول» (١).

وجاء في المغني: «وإذا طالبه الوديعة، فقال: ما أودعتني. ثم قال: ضاعت من حرز، كان ضامنًا؛ لأنه خرج من حال الأمانة. ولو قال: ما لك عندي شيء، ثم قال: ضاعت من حرز، كان القول قوله .... مع يمينه، ولا ضمان عليه؛ لأن قوله لا ينافي ما شهدت به البينة، ولا يكذبها، فإن من تلفت الوديعة من حرزه بغير تفريطه، فلا شيء لمالكها عنده، ولا يستحق عليه شيئًا» (٢).

المسألة الثانية: لا يضمن إذا كان الهدف من جحود الوديعة الستر والخفاء، أو جحد الوديعة لوجود عدو يخافه عليها من التلف؛ لأن هذا الجحود لمصلحة المالك ومصلحة الوديعة، وهذا قد نص عليه الحنفية والشافعية، خلافًا لزفر (٣).

جاء في فتح القدير: «ولو جحدها عند غير صاحبها لا يضمنها عند


(١) روضة الطالبين (٦/ ٣٤٣).
(٢) المغني (٦/ ٣٠٧).
(٣) فتح القدير لابن الهمام (٨/ ٤٩٠)، بدائع الصنائع (٦/ ٢١٢)، الهداية شرح البداية (٣/ ٢١٤)، الوسيط (٤/ ٥١٢)، روضة الطالبين (٦/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>