للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقروننا، فما ترى؟ فقال لنا رسول الله - عليه السلام -: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، فإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم (١).

الدليل الثاني:

أذن النبي - عليه السلام - لهند أن تأخذ من مال أبي سفيان ما يكفيها ويكفي ولدها بالمعروف. وسبق تخريج الحديث.

ولأنه يشق على الزوجة أن ترفع الأمر إلى الحاكم، فيلزمه بالإنفاق أو الفراق، وفي ذلك مضرة عليها مع تمكنها من أخذ حقها.

ولأن حقها يتجدد كل يوم فليس هو حقًا واحدًا مستقرًا يمكن أن تستدين عليه، أو ترفعه إلى الحاكم بخلاف حق الدين (٢).

فهذه الأحاديث كلها دليل على أن الحق إذا كان سببه ظاهرًا كالنكاح والقرابة، وحق الضيف جاز للمستحق الأخذ بقدر حقه، وإن كان سبب الحق خفيًا، بحيث يتهم بالأخذ، وينسب إلى الخيانة ظاهراً، لم يكن له الأخذ وتعريض نفسه للتهمة والخيانة، وإن كان في الباطن آخذًا حقه كما أنه ليس له أن يتعرض للتهمة التي تسلط الناس على عرضه، وإن ادَّعى أنه محق غير متهم.

قال ابن القيم: «وهذا القول أصح الأقوال وأسدُّها، وأوفقها لقواعد الشريعة وأصولها، وبه تجتمع الأحاديث» (٣).

* * *


(١) صحيح البخاري (٦١٣٧)، صحيح مسلم (١٧٢٧).
(٢) انظر زاد المعاد (٥/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
(٣) إغاثة اللهفان (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>