للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوقش هذا:

القول بأن أخذ مال الغير يوجب الضمان ليس على إطلاقه، نعم يوجب الضمان لو أخذه على وجه الاعتداء، أما إذا أخذه في حال ضياعه فلا يوجب الضمان؛ لأن أخذه قد يكون واجبًا عليه إذا خشي عليه الهلاك أو الاعتداء، إلا أن تقوم بينة على أنه أخذه لنفسه فيكون بمنزلة الغاصب، ودعوى المالك بأن الملتقط أخذ المال لنفسه لا يقبل إلا ببينة؛ لأنه يدعي ما يوجب الضمان على الملتقط، والأصل عدمه، والملتقط منكر، فإذا لم يقم البينة على صحة دعواه فالقول قول المنكر.

ولأن هذا الأمر لا يمكن معرفته إلا من قبل الملتقط؛ فإذا أخبر بأنه أخذها ليعرفها قبل منه ذلك.

ولأن الأصل حمل فعل المسلم (الملتقط) على الحسبة والصلاح وليس على المعصية والاعتداء والفساد.

جاء في تبيين الحقائق: «إن لم يشهد عند الالتقاط، وادعى أنه أخذها للرد، وادعى صاحبها أنه أخذها لنفسه، فالقول لصاحبها ويضمن الملتقط قيمتها عندهما.

وقال أبو يوسف: القول قول الملتقط فلا يضمن؛ لأن أخذها لصاحبها حسبة ولنفسه معصية، فكان حمل فعله على الصلاح أولى من حمله على الفساد.

ولأن الملتقط منكر، والمالك مدع للضمان، فالقول قول المنكر.

ولهما أنه أخذ مال الغير بغير إذنه، وهو سبب الضمان فيضمن» (١).


(١) تبيين الحقائق (٣/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>