للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب الثاني:

أن البينة تطلب في مسألة يكون فيها مدع ومنكر، واللقطة فيها مدع، وليس فيها منكر، ولهذا لو أخذنا بظاهر الحديث لقلنا: لا يجوز دفعها بالصفة مطلقًا حتى ولو غلب على ظنه صدقه، وقد أجاز الحنفية والشافعية جواز الدفع إليه بالوصف إلا أنهم لم يوجبوه، فلما جوزوا الدفع بلا بينة فقد خالفوا حديث البينة على المدعي.

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: «اللقطة إذا جاء من وصفها، فإنها تدفع إليه بغير بينة بالاتفاق، لكن منهم من يقول: يجوز الدفع إذا غلب على الظن صدقه، ولا يجب، كقول الشافعي وأبي حنيفة، ومنهم من يقول: يجب دفعها بذكر الوصف المطابق، كقول مالك وأحمد» (١).

الجواب الثالث:

أن البينة في الشرع: هو ما أبان الحق وأظهره، ووصفها هو بينتها، وهذه قاعدة عامة في كل الأحوال التي يدعيها أحد، ولا يكون له فيها منازع، فيكتفى بوصفه إياها، كالأموال المنهوبة والمغصوبة، والمسروقة إذا وجدت مع اللصوص وقطاع الطريق ونحوهم، فيكتفى فيها بالصفة (٢).

° الراجح:

أن اللقطة تدفع لمن وصفها وصفًا مطابقًا إذا ذكر أكثر صفاتها، ولا ضمان على دافعها ولو ظهر لها مالك آخر بعد دفعه لها، والله أعلم.

* * *


(١) جامع العلوم والحكم ـ تحقيق شعيب الأنوؤط (٢/ ٢٤١).
(٢) انظر القواعد لابن رجب (ص: ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>