كما زاد الليث قوله: (وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك أحد منهما البيع فقد وجب البيع) هذه تفسير لقوله (ما لم يتفرقا)، والرواة عن نافع لا يذكرون هذا التفسير، وإنما يقتصرون على قوله (ما لم يتفرقا). وقد علمت النزاع في هذا التفسير بين مدرستي الحنفية والمالكية من جهة، وبين الشافعية والحنابلة من جهة أخرى، والذي أراه أن الباحث عندما يبحث النص الحديثي، يجب أن يكون في معزل عن فقه الحديث، لأن الفقه غير معصوم، والنص معصوم، فإن كان سائر الرواة يقولون: ما لم يتفرقا، وانفرد ثقة دونهم بتفسير هذا اللفظ، ونسبه إلى المعصوم - صلى الله عليه وسلم - فإن الواجب أن ننظر فيه، هل انفرد بهذا، أو توبع، حتى ولو كان التفسير صحيحًا، فإننا ننسب هذا التفسير إلى الراوي أصح وأدق من أن ننسب هذا التفسير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجميع الرواة ممن رووا هذا الحديث عن نافع لا يذكرون هذه العبارة، وربما رأينا اليوم أن التفسير صحيح، ثم قد يبدو لنا أن الصحيح خلافه، فيجب عند رواية النص أن نعزل فهمنا للنص عن لفظ النص، وإذا كان الجمهور على جواز الرواية بالمعنى بشرطه، فإننا عند البحث يجب أن نشير إلى أن هذا اللفظ مما تصرف فيه الراوي، فرواه بالمعنى من قبله، لكي يكون واضحًا جليًا للقارئ ما هو اللفظ النبوي، وما هو اللفظ الموافق له بالمعنى من قبل الراوي، والله أعلم. وإذا عرفت ما تقدم، فقد اختلف على الليث في لفظه: فرواه عنه من تقدم بهذا اللفظ، ومنهم قتيبة بن سعيد. ورواه النسائي أيضًا (٤٤٧١) عن قتيبة به، بمثل لفظ الجماعة: البيعان بالخيار حتى يفترقا، أو يكون بيع خيار. وربما قال نافع: أو يقول أحدهما للآخر: اختر. فقوله (البيعان بالخيار حتى يفترقا أو يكون بيع خيار) موافق لرواية الجماعة، عن نافع. وقوله (وربما قال نافع: أو يقول أحدهما للآخر: اختر. مطابق تمامًا لرواية أيوب عن نافع، حيث كان نافع مرة يقول كذا، ومرة يقول كذا بما رواه عنه أيوب. وإذا كان لفظ عبد الله بن دينار، قد خالف فيه سفيان بن عيينة كل من رواه عن عبد الله =