ثم قال ابن تيمية:«والإجماع إنما هو بالدين الواجب كالسلف المؤجل من الطرفين»(١).
ويجاب:
بأن رأس المال في السلم قد يكون عينًا، وقد يكون دينًا، فإن كان دينًا في الذمة وجب تسليمه في مجلس العقد، حتى يكون عينًا، ومنه لو كان الثمن نقودًا فإنها لا تتعين بالتعيين على الصحيح، وإن كان رأس مال السلم معينًا فلا يلزم من تأخير تسليمه أن يتحول البيع إلى بيع دين بدين، فلو كان رأس المال ثوبًا معينًا، فإن عدم تسليمه في المجلس لا يجعل البيع من قبيل بيع الدين بالدين؛ لأن الدين ما تعلق في الذمة، والحق قد تعلق بثوب معين، فخرج من بيع الدين بالدين.
وقد اعترف السرخسي، أن رأس السلم إذا كان معينًا أن القياس عدم وجوب التسليم، وأن وجوب التسليم فيه إنما هو من باب الاستحسان، لا أكثر.
قال السرخسي: «فأما تعجيل رأس المال، فنقول: إذا كان رأس المال دراهم، أو دنانير، يكون التعجيل فيه شرطا قياسًا واستحسانًا ; لأن الدراهم، والدنانير لا يتعينان في العقود، فيكون هذا من بيع الدين بالدين وذلك لا يجوز؛ لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكالئ بالكالئ يعني: النسيئة بالنسيئة، فأما إذا كان رأس المال عروضًا، هل يكون التعجيل شرطًا؟ القياس ألا يكون شرطًا، وفي الاستحسان يكون شرطًا.
وجه القياس: أن العروض سلعة تتعين في العقود، بخلاف الدراهم، فلو لم يشترط التعجيل، لا يؤدي إلى بيع الدين بالدين.