وأما القبول فسبق في القول السابق الاستدلال على أن القبول ركن في الهبة.
وأما الواهب والموهوب له، ومحل الهبة:
فاعتبر الجمهور هذه من الأركان؛ لأن الركن عندهم: هو ما توقف عليه وجود الشيء وتصوره عقلًا، سواء أكان جزءًا من حقيقته أم لم يكن، ووجود الهبة يتوقف على الواهب والموهوب له، والشيء الموهوب، وإن لم يكن هؤلاء جزءًا من حقيقته.
وأما الحنفية فيرون أن الركن: هو ما يتوقف عليه وجود الشيء، وكان جزءًا داخلًا في حقيقته، وهذا خاص في الصيغة: الإيجاب وحده، أو الإيجاب والقبول، أما الواهب والموهوب له، ومحل الهبة فهي من لوازم الهبة، وليست جزءًا من حقيقة الهبة، وإن كان يتوقف وجودها عليها.
ومذهب الحنفية أجود، وأدق، والجمهور لا يطَّردون في تحديد الأركان، فاللوازم تارة يعتبرونها من الأركان، وتارة لا يدخلونها، فهم يجعلون الفاعل ركنًا في مثل عقد البيع والنكاح، ولا يجعلونه ركنًا في العبادات كالصلاة والحج، وإن كان لا يتصور قيام الحج والصلاة بدون فاعل.