أن عقد التبرع ضعيف في نفسه، ولهذا لا يتعلق به صفة اللزوم، والملك الثابت للواهب أقوى فلا يزول بالسبب الضعيف حتى ينضم إليه ما يتأيد به، وهو القبض في الهبة، والموت في الوصية (١).
ويناقش:
لو عكس هذا لكان أصح، فإن عقد التبرع عقد إرفاق وإحسان، والتوسعة فيه أن لا يشتدد في عقده قبض أو لم يقبض؛ لأنه لا يقابله عوض، بخلاف عقود المعاوضات فإن البائع إنما بذل المبيع مقابل عوض، فكونه لا يلزم إلا إذا تقابضا، لو قيل هذا في عقود المعاوضات لكان أولى من عقود التبرع القائم على المسامحة والإحسان.
دليل من قال: هبة المكيل والموزون لا تلزم فيه إلا بالقبض:
الدليل الأول:
قياس الهبة على البيع، فالمبيع إذا لم يكن فيه حق توفية فإنه يكون من ضمان المشتري إذا هلك عند البائع بدون تعد أو تفريط، ويصح تصرف المشتري فيه بالبيع، ولو لم يقبضه، وإذا كان فيه حق توفية من كيل أو وزن، أو عد، أو ذرع فإن ضمانه من مال البائع، وليس للمشتري حق التصرف فيه قبل قبضه، والهبة قياس عليه، وقد ذكرنا أدلة كثيرة على هذه المسألة عند الكلام على التصرف في المبيع قبل قبضه، فارجع إلى أدلة المسألة هناك غير مأمور.