فإن قدر الوديع على صاحبها أو وكيله ردها إليه، أو أخذ الإذن منه بالسفر بها وبرئ من الضمان.
فإن لم يقدر على أحد منهما، وقدر على الحاكم قام الحاكم مقام الغائب؛ لأن له ولاية النظر في أموال الغائبين.
فإذا لم يقدر على الحاكم، وقدر على الإيداع عند رجل أمين فإن هذا عذر يسمح له بإيداع الوديعة لأجنبي؛ لأنه لما تعذر رد الوديعة إلى صاحبها لأنه لا يعلم مكان وجوده، ولا يمكننا منعه من السفر؛ لأن هذا حجر عليه، وهو متبرع بالحفظ، ولا يمكنه السفر بها؛ لأن في السفر بها تعريضًا لها للهلاك، ولم يأذن له مالكها، فلم يبق له إلا إيداعها لثقة على الوجه الذي يحفظ به ماله لو أراد إيداعه، فلا يصير ضامنًا بالدفع إلى غيره في هذه الحالة، والله أعلم.
واستدل الشافعية على جواز إيداعها لأجنبي:
(ح-١١٨٧) بما رواه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة قال:
حدثني رجال قومي من أصحاب رسول الله - عليه السلام -، فذكر الحديث في خروج النبي - عليه السلام -، قال فيه: فخرج رسول الله - عليه السلام - وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(١) مغني المحتاج (٣/ ٨٣)، أسنى المطالب (٣/ ٧٧)، روضة الطالبين (٦/ ٣٢٨)، الحاوي الكبير (٨/ ٣٥٧)، نهاية المطلب (١١/ ٣٨١)، شرح البهجة (٤/ ٥٣)، نهاية المحتاج (٦/ ١١٦)، الوسيط (٤/ ٥٠١).