ومن أجل هذا الاختلاف في لفظ الحديث اختلف الفقهاء في الغاية من الأمر النبوي الكريم من قوله - عليه السلام -: (اعرف عفاصها ووكاءها):
فقيل: فائدة ذكر عفاصها ووكائها حتى إذا جاء من يذكر صفتها دفعت إليه بلا بينة، وهذا مذهب المالكية والحنابلة.
وأما من قال: إن اللقطة لا يجب دفعها إلا بالبينة، فقال: إن الفائدة من حفظ عفاصها ووكائها أمور منها:
الأول: من أجل أن تتميز عن ماله فلا تختلط به.
الثاني: أن العادة جارية بإلقاء الوكاء والوعاء إذا استنفقها، فأمره بمعرفتها وحفظها حتى إذا ما جاء صاحبها بعد استنفاقها أمكنه أن يدفع إليه بدلها.
الثالث: أمره بحفظ وعائها ووكائها حتى تكون الدعوى فيها معلومة؛ لأن الدعوى المبهمة لا تقبل.
الدليل الثاني:
لا يقدر كل أحد أن يقيم بينة على كل ما يملك من مال، فلو كانت اللقطة لا ترد إلا على من يملك بينة على ملكه لها فإن هذا يعني أن يذهب أكثر الأموال الضائعة على أصحابها، فلا تكاد تجد أحدًا يستطيع أن يقدم ببينة على ملكه لآحاد ماله، فإذا وصف ماله وصفًا مطابقًا، ولم يوجد ما يعارض ذلك كان ذلك قرينة على صدقه، فجاز دفعه إليه.
قال ابن بطال: «لو لم يجب عليه دفعها إلى من يأتي بصفتها لم يكن لمعرفة