للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حلو الإشارة، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زيدي المذهب، وفسّر بمصر القرآن في سبع مائة مجلّدٍ كبار.

لت: وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزالي، وجلس بين يديه، فسأله: من أين أنت؟ فقال: من المدرسة ببغداد.

وقال الغزالي: علمت أنه ذو اطلاع ومعرفة، فلو قلت إنني من طوس، لذكر ما يحكى عن أهل طوس من التّغفيل، من أنهم توسلّوا إلى المأمون بقبر أبيه، وكونه عندهم، وطلبوا منه أن يحوّل الكعبة، وينقلها إلى عندهم، وأنّه جاء عن بعضهم أنّه سئل عن نجمه، فقال: بالتيس. فقيل له في ذلك، فقال: من سنين كان بالجدي، والآن فقد كبر.

قال ابن عساكر (١): وسمعت من يحكي أنّه كان بأطرابلس، فقال له ابن البرّاج: متكلّم الرّافضة: ما تقول في الشّيخين؟ فقال: سفلتان ساقطان. قال: من تعني؟ قال: أنا وأنت.

وقال أبو علي بن سكّرة الصّدفي: أبو يوسف القزويني كان معتزليًا داعية، كان يقول: لم يبق من ينصر هذا المذهب غيري. وكان قد بلغ من السّنّ مبلغًا يكاد أن يخفى في الموضع الذي كان يجلس فيه، وله لسانٌ شابّ. ذكر لي أن له تفسيرًا في القرآن في نحو ثلاث مائة مجلّد، سبعة منها في سورة الفاتحة. وكان عنده جزءٌ ضخمٌ، من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري، رواية أبي حاتم الرّازي، عنه، كنت أودّ أن يكون عند غيره بما يشق عليّ. قرأت عليه بعضه، رواه عن القاضي عبد الجبار المعتزلي، عن رجل عنه. وكان سبب مشيي إليه أن شيخنا ابن سوار المقرئ سألني أن أمضي مع ابنيه لأسمعهما عليه، فأجبته، وقرأ لهما شيئًا من حديث المحاملي، وأخبرنا أنه سمع ذلك سنة تسعٍ وتسعين وثلاث مائة، وهو ابن أربع سنين أو نحوها. قال لي: كنت في سنّ هذا - يعني ولد شيخنا ابن سوار - وكنت أعقل من أبيه. وكان لا يسالم أحدًا من السّلف؛ وكان يقول لنا: اخرجوا تدخل الملائكة يريد المحدّثين. قال: ولم أكتب عنه حرفًا. يعني ابن سكّرة أّنه لا يحدّث عنه؛ وقد روى عنه شعرًا، وذكره في مشيخته.


(١) تاريخ دمشق ٣٦/ ٢١٩.