الناس، فاخترت منهم ثلاثين فارسا وقلت لسائرهم: البثوا على مصافكم، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابي: احموا لي ظهري، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه فخرجت صامدا له، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه فعرف الشر، فوثب على برذونه وولى مبادرا، فأدركته ثم طعنته، فسقط، ثم دففت عليه بالسيف، ونصبت رأسه على رمح وكبرت، وحمل المسلمون، فارفض أصحابه من كل وجه، وركبنا أكتافهم.
وقال خليفة: حدثنا من سمع ابن لهيعة يقول: حدثنا أبو الأسود، قال: حدثني أبو إدريس أنه غزا مع عبد الله بن سعد إفريقية فافتتحها، فأصاب كل إنسان ألف دينار.
وقال غيره: سبوا وغنموا، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، وفتح الله إفريقية سهلها وجبلها، ثم اجتمعوا على الإسلام وحسنت طاعتهم.
وقسم ابن أبي سرح ما أفاء الله عليهم وأخذ خمس الخمس بأمر عثمان، وبعث إليه بأربعة أخماسه، وضرب فسطاطا في موضع القيروان، ووفدوا وفدا، فشكوا عبد الله فيما أخذ، فقال: أنا نفلته، وذلك إليكم الآن، فإن رضيتم فقد جاز، وإن سخطتم فهو رد، قالوا: إنا نسخطه، قال: فهو رد، وكتب إلى عبد الله برد ذلك واستصلاحهم. قالوا: فاعزله عنا. فكتب إليه أن استخلف على إفريقية رجلا ترضاه واقسم ما نفلتك فإنهم قد سخطوا، فرجع عبد الله بن أبي سرح إلى مصر، وقد فتح الله إفريقية، فما زال أهلها أسمع الناس وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك.
وروى سيف بن عمر، عن أشياخه، أن عثمان أرسل عبد الله بن نافع بن الحصين، وعبد الله بن نافع الفهري من فورهما ذلك إلى الأندلس، فأتياها من قبل البحر، وكتب عثمان إلى من انتدب إلى الأندلس: أما بعد فإن القسطنطينية إنما تفتح من قبل الأندلس، وإنكم إن افتتحتموها كنتم