سار فافتتح قلعة شيراز، ثم سار إلى جور فصالحهم وخلف فيهم رجلا من تميم، ثم انصرف إلى إصطخر فحاصرها مدة، فبينما هم في الحصار إذ قتل أهل جور عاملهم، فساق ابن عامر إلى جور فناهضهم فافتتحها عنوة فقتل منها أربعين ألفا يعدون بالقصب، ثم خلف عليهم مروان بن الحكم أو غيره، ورد إلى إصطخر وقد قتلوا عبيد الله بن معمر فافتتحها عنوة. ثم مضى إلى فسا فافتتحها. وافتتح رساتيق من كرمان. ثم إنه توجه نحو خراسان على المفازة فأصابهم الرمق فأهلك خلقا.
وقال ابن جرير: كتب ابن عامر إلى عثمان بفتح فارس، فكتب عثمان يأمره أن يولي هرم بن حيان اليشكري، وهرم بن حيان العبدي، والخريت بن راشد على كور فارس. وفرق خراسان بين ستة نفر: الأحنف بن قيس على المروين، وحبيب بن قرة اليربوعي على بلخ، وخالد بن زهير على هراة، وأمير بن أحمر اليشكري على طوس، وقيس بن هبيرة السلمي على نيسابور.
وفيها زاد عثمان في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوسعه وبناه بالحجارة المنقوشة وجعل عمده من حجارة وسقفه بالساج، وجعل طوله ستين ومائة ذراع، وعرضه خمسين ومائة ذراع، وجعل أبوابه كما كانت زمن عمر ستة أبواب.
وحج عثمان بالناس وضرب له بمنى فسطاط، وأتم الصلاة بها وبعرفة، فعابوا عليه ذلك، فجاءه علي، فقال: والله ما حدث أمر ولا قدم عهد، ولقد عهدت نبيك صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين، ثم أبا بكر، ثم عمر، ثم أنت صدرا من ولايتك، فقال: رأي رأيته. وكلمه عبد الرحمن بن عوف، فقال: إني أخبرت عن جفاة الناس قد قالوا: إن الصلاة للمقيم ركعتان، وقالوا: هذا عثمان يصلي ركعتين، فصليت أربعا لهذا، وإني قد اتخذت بمكة زوجة، فقال عبد الرحمن: ليس هذا بعذر. قال: هذا رأي رأيته.