الهجرس اقبض رجليك، والله لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم خضبتك بالرمح، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن كان أمر من السماء فامض له، وإن كان غير ذلك فوالله لا نعطيهم إلا السيف، متى طمعتم بهذا منا. وقال السعدان كذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: شق الكتاب، فشقه، فقال عيينة: أما والله للتي تركتم خير لكم من الخطة التي أخذتم، وما لكم بالقوم طاقة، فقال عباد بن بشر: يا عيينة، أبالسيف تخوفنا! ستعلم أينا أجزع، والله لولا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصلتم إلى قومكم، فرجعا وهما يقولان: والله ما نرى أنا ندرك منهم شيئا.
قال الواقدي: فلما انكشف الأحزاب رد عيينة إلى بلاده، ثم أسلم قبل الفتح بيسير.
ابن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن علي بن سليم، عن الزبير بن خبيب، قال: أقبل عيينة بن حصن، فتلقاه ركب خارجين من المدينة، فسألهم فقالوا: الناس ثلاثة: رجل أسلم فهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل العرب، ورجل لم يسلم فهو يقاتله، ورجل يظهر الإسلام ويظهر لقريش أنه معهم، قال: ما يسمى هؤلاء؟ قال: يسمون المنافقين. قال: ما في من وصفتم أحزم من هؤلاء، اشهدوا أنني منهم.
ثم ساق ابن سعد قصة طويلة بلا إسناد في نفاق عيينة يوم الطائف، وفي أسره عجوزا يوم هوزان يلتمس بها الفداء، فجاء ابنها فبذل فيها مائة من الإبل، فتقاعد عيينة، ثم غاب عنه، ونزله إلى خمسين، فامتنع ثم لم يزل به إلى أن بذل فيها عشرة من الإبل، فغضب وامتنع، ثم جاءه فقال: يا عم، أطلقها وأشكرك، قال: لا حاجة لي بمدحك، ثم قال: ما رأيت كاليوم أمرا أنكد، وأقبل يلوم نفسه، فقال الفتى: أنت صنعت هذا: عمدت إلى عجوز والله ما ثديها بناهد، ولا بطنها بوالد، ولا فوها ببارد، ولا صاحبها بواجد،