ونقل القاضي ابن خلِّكان أنه دخل على الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بمصر فبسط تحت مئزره وكان إلى جانب الأفضل نصراني فوعظ الأفضل حتى أبكاه ثم أنشده:
يا ذا الذي طاعته قرْبَةٌ وحقه مفترض واجب إنَّ الذي شُرِّفت من أجله يزعم هذا أنَّه كاذب وأشار إلى النَّصراني، فأقام الأفضل النَّصراني من موضعه.
وقد صنَّف كتاب سراج الملوك للمأمون ابن البطائحي الذي ولي وزارة مصر بعد الأفضل، وصنَّف طريقة في الخلاف وكان المأمون قد بالغ في إكرامه.
وتوفي أبو بكر بالإسكندرية فيما قال أبو الحسن بن المُفَضَّل في جمادى الأولى، قال: وهو نشر العلم بالإسكندرية، وأكثر شيوخنا من طلبته.
وقال غيرُه: ولد تقريباً سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ودخل بغداد في سنة سبع وسبعين في حياة أبي نصر الزَّينبي، وقال: رأيت بها آية؛ كنت جالساً يوماً العصر لإحدى عشرة بقيت من جُمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين إذ سمعنا دويًّا عظيماً وأقبل ظلام فإذا ريح لم أر قط أقوى ولا أشد عصوفاً منها. سوداء ثخينة يبين لك جسمها فاسودَّ النَّهار وذهبت آثاره، وغابت الشَّمس وأثرها، وبقينا كأنا في أشدِّ ما يكون من الظَّلام الحُنْدُس لا يبصر أحد يده، وماج النَّاس ولم نشك أنها القيامة أو خسف أو عذاب قد أحاط بالخلائق وبقي الأمر كذلك قدر ما ينضج الخُبْز. ورجع ذلك السَّواد حُمْرة كأنه لهب نار أو جمر يتوقَّد فلم نشك حينئذ أنها نار أرسلها الله على العباد، وأيسنا من النَّجاة، ثم مكثت أقل من مكث الظَّلام، وتجلَّت بحمد الله عن سلامة ونهب النَّاس بعضهم بعضاً في الأسواق وتخاطفوا عمائمهم ورحالاتهم، ثم طلعت الشَّمس، وبقيت ساعة إلى الغروب. ذكرها في الجزء الأول من فوائده.
وقد روى عنه السِّلفي، وأبو الحسن سلاَّر ابن المقدّم الفقيه، وجوهر بن لؤلؤ المقرئ، وصالح بن إسماعيل الفقيه ابن بنت معافى المالكي، وعبد الله بن عطاف الأزدي، ويوسف بن محمد القروي الفرضي، وعليّ بن مهدي بن