ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشي بين المحال، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الذين صاروا إليك، فرحل في آخر السنة والخواطر متوحشة، فأقام بدار الغربة، وجاءت الأخبار بتوجه طغرل إلى بغداد، فلما كان يوم سلخ السنة نفذ إلى مسعود الخلع والتاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نعم.
وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رذمير مدينة إفراغة من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قرطبة تاشفين ابن السلطان، فجهز الزبير اللمتوني بألفي فارس، وتجهز أمير مرسية وبلنسية - يحيى بن غانية - في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لاردة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى إفراغة، وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رذمير في اثني عشر ألف فارس، فأدركه العجب، وقال لأصحابه: اخرجوا خذوا هذه الميرة، ونفذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن رذمير بنفسه، والتحم الحرب، واستحر القتل في الفرنج، وخرج أهل إفراغة الرجال والنساء، فنهبوا خيم الروم، فانهزم الطاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسرقسطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قتل فلان، قتل فلان، فمات غمًا بعد عشرين يومًا، وكان بلية على المسلمين، فأهلكه الله.
وفيها خرج عبد المؤمن في الموحدين من بلاد تينمل فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معمورها، وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانتدب لحرب الموحدين.
وفيها سار صاحب القدس بالفرنج، فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقتل منهم مائة فارس، ثم التقوا ونصر الله.
وفيها وثب إيليا الطغتكيني في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا فضربه بالسيف، فغطس عنها، ورمى نفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقبة الفرس أتلفته، وتلاحق الأجناد فهرب إيليا، ثم ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات