وسرادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء، فيقال: إنهم بايعوا المقتفي على أن لا يكون عنده خيل ولا آلة سفر، وأخذوا من الدار جواري وغلمانًا، ومضت خاتون تستعطف السلطان، فاجتازت بالسوق وبين يديها القراء والأتراك، وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار، ثم إن السلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عرفة، وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأن الراشد دخل الموصل، وبلغه أنه خلع من الخلافة.
وفي جمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كمشتكين الأتابكي الطغتكيني، واقف الأمينية، متولي بصرى وصرخد، وأنزل في دار الأتابك بدمشق، وخلع عليه، ثم بعد يومين قتل الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من أكبر الأمراء، تملك مدينة تدمر مدةً، وكان فيه ظلم وشر، شد عليه الأمير بزواش فقتله، ثم حمل إلى المسجد الذي بناه فيروز بالعقيبة، فدفن في تربته، وجرت أمور، ثم صرف أمين الدولة، وولي الأتابكية الأمير بزواش المذكور، ولقب بجمال الدين، وتوجه أمين الدولة مغاضبًا إلى ناحية صرخد.
وفيها، في أيار، جاء بدمشق سيلٌ عظيم لم يسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجو كالليل، ثم طلع بعدها سحابة حمراء، صار الناظر يظنها كالنار الموقدة.
وفي شعبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقية بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا، قال ابن الأثير: كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شيزر سالمين، وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا، ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخذ الثأر عجزًا ووهنًا، فلله الحمد.