للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّاس، أو هو نبيّ كما زعموا، فهدى الله ذلك الصّرم (١) بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا. اتّفقا عليه (٢).

وقال حمّاد بن سلمة وغيره، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة قال: كنّا مع رسول الله في سفر، فقال: إن لا تدركوا الماء تعطشوا، فانطلق سرعان النّاس تريد الماء، ولزمت رسول الله تلك اللّيلة، فمالت به راحلته فنعس، فمال فدعمته فادعم ومال، فدعمته فادعم، ثم مال حتى كاد أن ينقلب، فدعمته فانتبه، فقال: من الرجل؟ قلت: أبو قتادة، فقال: حفظك الله بما حفظت به رسول الله، ثم قال: لو عرّسنا، فمال إلى شجرة، فنزل فقال: انظر هل ترى أحدا؟ فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، حتى بلغ سبعة فقال: احفظوا علينا صلاتنا، قال: فنمنا فما أيقظنا إلاّ حرّ الشمس، فانتبهنا فركب رسول الله وسار وسرنا هنية، ثمّ نزل فقال: أمعكم ماء؟ قلت: نعم ميضأة فيها شيء من ماء، قال: فأتني بها، فتوضؤوا وبقي في الميضأة جرعة فقال: ازدهر بها (٣) يا أبا قتادة، فإنّه سيكون لها شأن، ثم أذّن بلال فصلّى الركعتين قبل الفجر، ثم صلّى الفجر، ثم ركب وركبنا، فقال بعض لبعض: فرّطنا في صلاتنا، فقال رسول الله : ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإليّ، قلنا: فرّطنا في صلاتنا، قال: لا تفريط في النّوم إنّما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلّوها من الغد لوقتها. ثم قال: ظنّوا بالقوم، فقلنا: إنّك قلت بالأمس: إن لا تدركوا الماء غدا تعطشوا، فأتى النّاس الماء. فقال: أصبح النّاس، وقد فقدوا نبيّهم، فقال بعض القوم: إنّ رسول الله بالماء، وفي القوم أبو بكر وعمر قالا: أيّها النّاس إنّ رسول الله لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلّفكم سقط، وإن يطع النّاس أبا بكر وعمر يرشدوا، قالها ثلاثا، فلما اشتدّت الظّهيرة رفع لهم رسول الله فقالوا: يا رسول الله هلكنا عطشنا انقطعت الأعناق، قال: لا هلك عليكم، ثم


(١) أبيات مجتمعة، أو هم النفر ينزلون بأهليهم على الماء.
(٢) البخاري ٤/ ٢٣٢ - ٢٣٣، ومسلم ٢/ ١٣٩، ودلائل النبوة ٦/ ١٣٠ - ١٣١.
(٣) أي: احتفِظْ بها.