للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأنهار، وأنت هكذا، فقال: يا ابن الخطّاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: فاحمد الله ﷿. أخرجه مسلم (١).

وقال معمر، عن الزّهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عبّاس، عن عمر في هذه القصّة، قال: فما رأيت في البيت شيئا يردّ البصر إلاّ أهب ثلاثة، فقلت: ادع الله يا رسول الله أن يوسّع على أمّتك، فقد وسّع على فارس والروم، وهم لا يعبدون الله، فاستوى جالسا وقال: أفي شكّ أنت يا ابن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا. فقلت: أستغفر الله، وكان أقسم أن لا يدخل على نسائه شهرا من شدّة موجدته عليهنّ حتى عاتبه الله - تعالى - اتفقا عليه من حديث الزّهريّ (٢).

قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن المعدّل، سنة أربع وتسعين، أخبركم العلاّمة أبو محمد بن قدامة، أنّ شهدة بنت أبي نصر أخبرتهم، قالت: أخبرنا أبو غالب الباقلاّني، قال: أخبرنا أبو عليّ بن شاذان، قال: أخبرنا أبو سهل بن زياد، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أنس قال: دخلت على النّبيّ وهو على سرير مرمول (٣) بشريط، وتحت رأسه مرفقة حشوها ليف، فدخل عليه ناس من أصحابه، فيهم عمر فاعوجّ النّبيّ اعوجاجة، فرأى عمر أثر الشّريط في جنب النّبيّ فبكى، فقال له النّبيّ : ما يبكيك؟ قال: كسرى وقيصر يعيثان فيما يعيثان فيه، وأنت على هذا السرير! فقال: أما ترضى أن تكون لهم الدّنيا ولنا الآخرة؟ قال: بلى، فقال: فهو والله كذلك. إسناده حسن.

وقال المسعوديّ، عن عمرو بن مرّة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: اضطجع النّبيّ على حصير، فأثّر بجلده، فجعلت أمسحه عنه وأقول: بأبي وأمّي ألا آذنتنا فنبسط لك؟ قال: ما لي وللدنيا، إنّما أنا


(١) مسلم ٤/ ٨٨، ودلائل النبوة ١/ ٣٣٥.
(٢) البخاري ٧/ ٣٦ - ٣٩، ومسلم ٤/ ٩٣، ودلائل النبوة ١/ ٣٣٦.
(٣) أي: نُسجَ وجهه بالسَّعَف.