للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتّى لم يبق على رسول الله دين في الأرض، حتّى فضل عندي أوقيّتان، أو أوقيّة ونصف، ثم انطلقت إلى المسجد، وقد ذهب عامّة النّهار، فإذا رسول الله قاعد في المسجد وحده، فسلّمت عليه، فقال لي: ما فعل ما قبلك؟ قلت قد قضى الله كلّ شيء كان على رسول الله فلم يبق شيء، فقال: فضل شيء؟ قلت: نعم ديناران، قال: انظر أن تريحني منهما، فلست بداخل على أحد من أهلي حتّى تريحني منهما. فلم يأتنا أحد، فبات في المسجد حتّى أصبح، وظلّ في المسجد اليوم الثاني، حتّى كان في آخر النّهار جاء راكبان، فانطلقت بهما، فكسوتهما وأطعمتهما، حتى إذا صلّى العتمة دعاني، فقال: ما فعل الذي قبلك؟ قلت: قد أراحك الله منه، فكبّر وحمد الله شفقا من أن يدركه الموت، وعنده ذلك، ثم اتّبعته، حتّى جاء أزواجه، فسلّم على امرأة امرأة، حتّى أتى مبيته. أخرجه أبو داود (١) عن أبي توبة الحلبيّ، عن معاوية.

وقال أبو الوليد الطّيالسيّ: حدثنا أبو هاشم الزّعفرانيّ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، أنّ أنس بن مالك حدّثه، أنّ فاطمة جاءت بكسرة خبز إلى النّبيّ فقال: ما هذه؟ قالت: قرص خبزته، فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة، فقال: أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام.

وقال أبو عاصم، عن زينب بنت أبي طليق قالت: حدّثني حبّان ابن جزء - أو (٢) بحر - عن أبي هريرة، أنّ رسول الله كان يشد صلبه بالحجر من الغرث (٣).

وقال أبو غسّان النّهديّ: حدثنا إسرائيل، عن مجالد، عن الشّعبيّ، عن مسروق قال: بينما عائشة تحدّثني ذات يوم إذ بكت، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: ما ملأت بطني من طعام فشئت أن أبكي إلاّ بكيت أذكر رسول الله وما كان فيه من الجهد.


(١) أبو داود (٣٠٥٥)، ودلائل النبوة ١/ ٣٤٨ - ٣٥٠.
(٢) هكذا بخط المؤلف، وفي طبقات ابن سعد: "أبو".
(٣) أي: الجوع.