لا أذكره فيها، ثم خرج، فقال له المقعد: أنت رجل صالح دخلت وخرجت ولم تصدق علي، فنظر يمينا وشمالا فلم ير أحدا، قال: أرني يدك، قم بإذن الله، فقام ليس به علة، فشغلني النظر إليه، ومضى صاحبي في السكك، فالتفت فلم أره، فانطلقت أطلبه. قال: ومرت رفقة من العراق، فاحتملوني، فجاءوا بي إلى المدينة، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قال: ذكرت قولهم: إنه لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية، فجئت بطعام إليه، فقال: ما هذا؟ قلت: صدقة، فقال لأصحابه: كلوا ولم يذقه، ثم إني رجعت طعيما، فقال: ما هذا يا سلمان؟ قلت: هدية، فأكل، قلت: يا رسول الله أخبرني عن النصارى، قال: لا خير فيهم، فقمت وأنا مثقل، قال: فرجعت إليه رجعة أخرى، فقلت له: يا رسول الله أخبرني عن النصارى، قال: لا خير فهم ولا فيمن يحبهم، فقمت وأنا مثقل، فأنزل الله - تعالى - {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} فأرسل إلي فقال: يا سلمان إن صاحبك أو أصحابك من هؤلاء الذين ذكر الله - تعالى -. إسناده جيد، وزكريا الأرسوفي صدوق إن شاء الله.
وقد ذكرنا قصته وكيف تنقل في البلدان في طلب الهدى، إلى أن وقع في الأسر بالمدينة، وكيف كاتب مولاه.
قال أبو عبد الرحمن القاسم: إن سلمان زار الشام، فصلى الإمام الظهر، ثم خرج، وخرج الناس يتلقونه كما يتلقى الخليفة، فلقيناه وقد صلى بأصحابه العصر وهو يمشي، فوقفنا نسلم عليه، فلم يبق فينا شريف إلا عرض عليه أن ينزل به، فقال: جعلت على نفسي مرتي هذه أن أنزل على بشير بن سعد، وسأل عن أبي الدرداء، فقالوا: هو مرابط، قال: أين مرابطكم؟ قالوا: بيروت، فتوجه قبله.