للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما فعلوا بابن خباب وزوجته. وكانت الوقعة في شعبان سنة ثمان، وقيل: في صفر.

قال عكرمة بن عمار: حدثني أبو زميل أن ابن عباس قال: لما اجتمعت الخوارج في دارها، وهم ستة آلاف أو نحوها، قلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي ألقى هؤلاء، فإني أخافهم عليك، قال: كلا، قال: فلبس ابن عباس حلتين من أحسن الحلل، وكان جهيرا جميلا، قال: فأتيت القوم، فلما رأوني قالوا: مرحبا بابن عباس وما هذه الحلة؟ قلت: وما تنكرون من ذلك؟ لقد رأيت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليهم: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} قالوا: فما جاء بك؟ قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين، ومن عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أرى فيكم أحدا منهم، ولأبلغنكم ما قالوا، ولأبلغنهم ما تقولون: فما تنقمون من ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصهره؟ فأقبل بعضهم على بعض، فقالوا: لا تكلموه فإن الله يقول: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} وقال بعضهم: ما يمنعنا من كلامه، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويدعونا إلى كتاب الله، قال: فقالوا: ننقم عليه ثلاث خلال: إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله، وما للرجال ولحكم الله، والثانية: أنه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فإن كان قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، وإلا فلا، والثالثة: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير المشركين. قلت: هل غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا.

قلت: أرأيتم إن خرجت لكم من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا: وما يمنعنا، قلت: أما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله، فإني سمعت الله تعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وذلك في ثمن صيد أرنب أو نحوه قيمته ربع درهم فوض الله الحكم فيه إلى الرجال، ولو شاء أن يحكم لحكم. وقال: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} الآية. أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. قلت: وأما قولكم: قاتل فلم يسب، فإنه قاتل أمكم، لأن الله يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>