للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان: خذ هذا تذكاراً من عندي، واركب في مركب، ورُح نفذ رهائننا، فلم يفعل، وبعث الصّليب مع قسيس.

وحكى بعضهم قال: وفي شعبان أخذت الفرنج دمياط، وكان المُعَظم قد جهّز إليها ناهض الدين ابن الجرخي في خمسمائة راجل، فهجموا على الخندق، فقُتل الناهضُ ومن كان معه، وضعف أهل دمياط المساكين، ووقع فيهم الوباء والغلاء، وعجز الملكُ الكامل عن نُصرتهم، فسلّموها بالأمان، وفتحوا للفرنجُ، فغدروا، لعنهم الله، وقتلوا وأسروا، وجعلوا الجامعَ كنيسةً، وبعثوا بالمصاحف ورؤوس القتلى إلى الجزائر.

وكان بدمياط الشّيخ أبو الحسن بن قُفل الزاهد صاحب زاوية، فما تعرضوا له، قال أبو شامة: أنا رأيته بدمياط سنة ثمانٍ وعشرين.

وبلغَ الكاملَ والمُعَظم فبكيا بكاءً شديداً، وقال الكامل للمُعظم: ما في مقامك فائدة، فانزل إلى الشّام وشوش خواطر الفرنج، واجمع العساكر من الشرق.

قال ابن واصل في أخذ دمياط: وحين جرى هذا الأمر الفظيع، ابتنى الملك الكامل مدينة، وسماها المنصورة عند مفرق البحرين الآخذ أحدهما إلى دمياط، والآخر إلى أشمون، ومصبهُ في بحيرة تِنّيس، ثمّ نزلها بجيشه، وبنى عليها سوراً.

وذكر ابن واصل: أنّ تملّك الفرنج دمياط كان في عاشر رمضان.

قال أبو المظفر: فكتب إلي المعظم وأنا بدمشق بتحريض الناس على الجهاد ويقول: إني كشفتُ ضياع الشام فوجدتها ألفي قرية، منها ألف وستمائة قرية أملاك لأهلها، وأربعمائة سلطانية، وكم مقدار ما يقيم هذه الأربعمائة من العساكر؟ فأريد أن تُخرج الدماشقة ليذبوا عن أملاكهم. فقرأتُ عليهم كتابهُ في المِيعاد، فتقاعدوا، فكان تقاعدهم سبباً لأخذ الخمس والثمن من أموالهم، وكتب إلي: إذا لم يخرجوا فسر أنت إلي. فخرجتُ إلى الساحل، وقد نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>