ولد في شعبان سنة عشرين وخمسمائة، وحَفِظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وكمّل القراءات العشر وله عشر سنين.
وكان أعلى أهل الأرض إسنادًا في القراءات؛ فإني لا أعلم أحدًا من الأُمة عاش بعدما قرأ القراءات ثلاثًا وثمانين سنة غيره. هذا مع أنه قرأ على أسْند شيوخ العصر بالعراق، ولم يبقَ أحد ممن قرأ عليه مثل بقائه ولا قريبًا منه، بل آخر مَن قرأ عليه الكمال ابن فارس وعاش بعده نيّفًا وستين سنة. ثم إنه سمع الحديث على الكبار، وبقي مُسند الزمان في القراءات والحديث.
قرأ القراءات المشهورة والغريبة فأكثر على شيخه ومعلِّمه وأُستاذه الإمام أبي محمد سِبط أبي منصور الخياط، وأفاده، وحَرَص عليه في الصغر، وأسمعه الحديث، وأرسله إلى الشيوخ الكبار؛ فقرأ بالكفاية في القراءات الست على الإمام المُعمَّر أبي القاسم هبة الله بن أحمد ابن الطَّبَر الحريري. وقرأ بالموضح في القراءات العشر على مؤلّفه أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خَيرون. وقرأ للسبعة على أبي بكر محمد بن إبراهيم خطيب المُحوَّل، وعلى أبي الفضْل محمد ابن المهتدي بالله.
ثم سمع الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي، وأبي القاسم هبة الله ابن الطبر، وأبي منصور القزّاز، ومحمد بن أحمد بن تَوْبة وأخيه عبد الجبّار، وأبي القاسم ابن السمرقندي، وأبي الفتْح ابن البيضاوي، وطلحة بن عبد السلام الرُّمّاني، ويحيى بن علي ابن الطَّرّاح، وأبي الحسن بن عبد السلام، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، والحسين بن علي سِبط الخيّاط، والمبارك بن نَغُوبا، وعلي بن عبد السيد ابن الصبّاغ، وعبد الملك بن أبي القاسم الكَرُوخي، وسعد الخير الأنصاري، وطائفة سواهم.
وله مشيخة في أربعة أجزاء خرّجها أبو القاسم علي بن القاسم ابن عساكر.