قال ابن نقطة: هو أسند شيخ لقينا من أهل دمشق، حسن الإنصات، صحيح السماع.
وقال أبو شامة: دخل أبوه من حرستا فنزل بباب توما، وأمَّ بمسجد الزَّينبي، ثم أمَّ فيه جمال الدين ابنه، ثم سكن جمال الدين بداره بالحويرة، وكان يلازم الجماعة بمقصورة الخضر، ويحدِّث هناك، ويجتمع خلق، مع حسن سمته وسكونه وهيبته. حدَّثني الفقيه عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام أنه لم ير أفقه منه، وعليه كان ابتداء اشتغاله، ثم صحب فخر الدين ابن عساكر، فسألته عنهما، فرجح ابن الحرستاني وقال: إنه كان يحفظ كتاب الوسيط للغزالي.
قال أبو شامة: لما ولي القضاء محيي الدين ابن الزَّكي لم ينب عنه، وبقي إلى (أن) ولاّه الملك العادل القضاء، وعزل قاضي القضاة زكي الدين الطّاهر، وأخذ منه مدرستيه العزيزية، والتَّقوية. فأعطى العزيزية مع القضاء لابن الحرستاني، واعتنى به العادل وأقبل عليه، وأعطى التقوية لفخر الدين ابن عساكر.
وكان جمال الدين يجلس للحكم بالمجاهدية، وناب عنه ولده عماد الدين، ثم شمس الدين أبو نصر ابن الشيرازي، وشمس الدين ابن سني الدّولة. وبقي في القضاء سنتين وسبعة أشهر، وتوفي، فكانت له جنازة عظيمة، على أنه امتنع من الولاية لما طلب إليها حتى ألحوا عليه فيها.
وكان صارماً، عادلاً على طريقة السَّلف في لباسه وعفَّته؛ ولقد بلغني - يقول أبو شامة - أن ابن الحرستاني ثبت عنده حق لامرأة على بيت المال، فأحضر وكيل بيت المال الجمال المصري، فأمره أن يسلم إليها ما ثبت لها، وكان بستاناً، فاعتذر بالمساء، وقال: في غد أسلمه إليها. فقال: ربما أموت