وأجاز له طائفة كبيرة، وروى الكثير. وكان ينفق حديثه، فحدّث بقطعة كبيرة منه ببعلبكّ، وبنابلس، وبجامع دمشق.
وكان إمامًا في الفقه، لا بأس به في الحديث.
قال الضّياء في البهاء: كان إمامًا فقيهًا، مناظرًا، اشتغل على ابن المنّي، وسمع الكثير، وكتب الكثير بخطّه، وأقام بنابلس سنين كثيرة - بعد الفتوح - يؤمّ بالجامع الغربي منها، وانتفع به خلقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القرايا. وكان كريمًا، جوادًا، سخيا، حسن الأخلاق، متواضعًا. ورجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه، وشرح كتاب المقنع وكتاب العمدة لشيخنا موفّق الدّين، ووقف من كتبه ما هو مسموع.
وقال أبو الفتح عمر بن الحاجب: كان أكثر مقامه بنابلس، وكان مليح المنظر، مطرحًا للتّكلّف، كثير الفائدة، ذا دينٍ وخير، قوّالًا بالحقّ لا يخاف في الله لومة لائم، راغبًا في التّحديث. كان يدخل من الجبل قاصدًا لمن يسمع عليه، وربّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرّد بعدّة كتب وأجزاء، وانقطع بموته حديثٌ كثير - يعني بدمشق -. وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: ولد سنة ستٍّ وخمسين، وتوفّي في سابع ذي الحجّة سنة أربع.
قلت: روى عنه الضّياء، والبِرْزالي، والسّيف، والشّرف ابن النابلسي، والجمال ابن الصّابوني، والشمس ابن الكمال، وخلقٌ كثير. وحدّثنا عنه ببعلبكّ التّاج عبد الخالق، وعبد الكريم بن زيد، ومحمد بن بلغزا، وأبو الحسين شيخنا، وست الأهل بنت علوان، وداود بن محفوظ. وبدمشق العزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطي، والتّقي أحمد بن مؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازيني، وإسحاق بن سلطان. وبنابلس العماد عبد الحافظ، وغير هؤلاء. وختم حديثه بموت ابن الموازيني، وبين موتهما أربعٌ وثمانون سنة.